قصة : الْأَمَـلُ يفْعلُ المُستَحيلَ

حان وقت القصة أحبابي. هذه الحلقة سأحدثكم عن دور الأمل في التغلب على الصعاب :

"وَعْد" فَتاةٌ جَميلةٌ وَمَوْهوبَةٌ أَصابَها كَسْرٌ في قَدَمِها فَتَذْهَبُ إِلى الْمَدْرَسَةِ مُسْتَنِدَةً عَلى عُكَّازِها. َوذاتَ يَوْمٍ أَعْلَنَتْ الْمُدَرِسَةُ عن قِيامِ حَفْلَةٍ لِلطُّلاّبِ الْمُشارِكينَ في أَنْشِطَةِ الْمَدْرَسَةِ، نَظَرَتْ "وَعْد" إِلى الْإِعْلانِ بِحُزْنٍ لِأَنَها لا تَقْدِرُ عَلى الْقِيام بِأَيِّ نَشاطٍ لِأَنَّ قَدَمَها الْيُمْنى مَكْسورَةٌ.

مَرَّتِ الْمُعَلِّمَةُ "صَفاء" في الصَّفِّ فَوَجَدَتْ "أَمَل" وَالْحُزْنُ يَكْسو وَجْهَها والدُّموعُ تَتَقاطَرُ مِنْ عَيْنَيْها فَتَقَدَّمَتْ عَلَيْها وَمَسَحَتْ دُموعَها في حُنُوٍّ بالِغٍ ورَبَتَتْ عَلى كَتِفَيْها، فَقَدْ أَدْرَكَتِ الْمُعَلِّمَةُ ما تُفَكِّرُ فيهِ.

فَقالَتْ لَها:

-تَعاليْ مَعي إِلى غُرْفَةِ الْأَنْشِطَةِ. سَنَتَعَلَّمُ أَشْياءَ جَديدَةً.

ذَهَبَتْ مَعَها وَجَلَسَتْ عَلى كُرْسِيٍّ أَمامَ طاوِلَةٍ كَبيرَةٍ مَليئَةٍ بِالْأَلْوانِ فَقالَتِ الْمُعَلِّمَةُ بِتَحْفيزٍ:

-أَنْتِ ماهِرَةٌ جِداً في الرَّسْمِ. لِماذا لا تَرْسُمينَ، وَبِالتَّأْكيدِ إِذا نالَتِ الرَّسْمَةُ إِعْجابَ الْمُديرَةِ سَيَكونُ اسْمُكِ في قائِمَةِ الطُّلاَّبِ الَّذينَ سَيَتَكَرَّمونَ؟

قالَتْ "وَعْد" بِحُزْنٍ:

-نَعَمْ أُحِبُّ الرَّسْمَ وَلَكِنَّ حِصَصَ الرَّسْمِ تَجْعَلُني أَقِفُ أَمامَ اللَّوْحَةِ مِثْلَ أَصْدِقائي وَأَنا أَصْبَحْتُ لا أَقْدِرُ عَلى الْوُقوفِ.

قالَتِ الْمُعَلِّمَةُ "صَفاء":

-مِنَ الآنَ فَصاعِداً سَتَرْسُمينَ وَأَنْتِ جالِسَةٌ مَكانَكِ، وَفي الْبَيْتِ. هَلْ أَنْتِ مُوافِقَةٌ؟

قالَتْ "وَعْد" بِابْتِسامَةٍ:

-مُوافِقَةٌ.

قالَتِ الْمُعَلِّمَةُ:

-حَسَناً سَأَكْتُبُ اسْمَكِ مَعَ الطُّلاَّبِ الَّذينَ يُشارِكونَ في أَنْشِطَةِ الْمَدْرَسَةِ.

قالَتْ "وَعْد":

-شُكْراً لَكِ يا مُعَلِّمَتي أَنا مُمْتَنَّةٌ لَكِ جِدّاً.

لَقَدْ دَبَّ الْأَمَلُ في قَلْبِها وَأَصْبَحَتْ لِلْمُعَلِّمَةِ مَكانَةٌ كَبيرَةٌ عِنْدَها، فَقَدْ تَحَقَّقَ ما كانَتْ تَحْلُمُ بِهِ وَهُوَ الْمُشارَكَةُ مَعَ أَصْدِقائِها، فَلا يوجَدُ شَيْءٌ يُعَطِّلُها عَنِ الْمُشارَكَةِ.

عادَتْ إِلى الْبَيْتِ وَاشْتَرى والِدُها لَها لَوْحَةً وَأَلْوانَ جَديدَة ًوَأَخَذَتْ تَرْسُمُ وَتُبْدِعُ... لَقَدْ طَلَبَتْ مِنْها الْمُعَلِّمَةُ أَنْ تَرْسُمَ ما تُريدُهُ.

فَرَسَمَتْ مَنْظَراً طَبيعِيّاً خَلاَّباً يَسْرِقُ الْأَلْبابَ وَلِأَنَّها مَوْهوبَةٌ بِالرَّسْمِ اسْتَطاعَتْ أَنْ تَجْعَلَ اللَّوْحَةَ فَنِّيَّةً.

في الْيَوْمِ التَّالي حَصَلَتْ "وَعْد" عَلى تَقْييمٍ مُمْتازٍ لِلَوْحَتِها وَأَصْبَحَتْ مِنَ الطُّلاَّبِ الَّذينَ سَيَتَكَرَّمونَ في الْحَفْلَةِ.

في يَوْم ِالْحَفْلَةِ:

اصْطَحَبَتْ والِدَيْها إِلى الْمَدْرَسَةِ فَكُلُّ طالِبٍ يَأْتي بِوالِدَيْهِ، بَدَأَتِ الْحَفْلَةُ بِالْمُقَدِّمَةِ وَ الْقُرْآنِ الْكَريمِ ثُمَّ الْأنَاشيدِ وَالشِّعْرِ، وَجاءَ دَوْرُ تَكْريمِ الطُّلاَّبِ فَنادَتِ الْمُعَلِّمَةُ عَلى اسْمِ "وَعْد" الَّتي بِدَوْرِها فَرِحَتْ كَثيراً وَصَفَّقَ الْجَميعُ لَها وَاسْتَلَمَتِ الْجائِزَةَ وَكانَتْ شَهادَةَ تَقْديرٍ وَمَجْموعَةً مِنَ الْكُتُبِ وَ الْقِصَصِ.

إِنَّهُ الْأَمَلُ الَّذي جَعَلَها تَتَفَوَّقُ رَغْمَ ما أَصابَها وَلَكِنْ لا شَيْءَ مُسْتَحيلٌ أَبَداً.