##### قصة اليوم
أعزائي حول أضرار الخجل و الخوف من الخطإ ######
"فَرَح"
و "مَرَح" شقيقَتان في الصّفِّ الثّاني الابتدائيِّ ، تَوْأمٌ جميلٌ ،
تتشابهان في كُلِّ شيءٍ باستثناءِ شيءٍ واحدٍ ، و هو أنَّ "فرح" شديدةُ
الخَجَلِ ، بينما "مرح" جَريئَةٌ و لا تشعُرُ بالخجلِ أمامَ الناسِ ...
كانَتا تجلِسانِ
في المقعَدِ ذاتِه في صفِّهما ، و عندما تسألُ المُعَلِّمةُ تلاميذَها سُؤالاً
كانت "فرح" تعرِفُ الإجابةَ دائماً ، فهي متفوِّقةٌ أكثرُ من أيِّ طفلٍ
في المدرسةِ بلْ أكثرُ من أُختِها "مرح" ، لكنّها كانت تخجَلُ مِن أن
ترفعَ يدَها لتُجيبَ على السُّؤالِ و
تخافُ أحياناً مِن أن تكونَ إجابَتُها خاطئةً ، فكانت "مرح" تنقُلُ
الإجابةَ من "فرح" و ترفعُ يدَها لتُجيبَ على السؤالِ و تأخذَ درَجَتَه
تامّةً ، و هكذا تَمُرُّ أيّامُهما في المدرسة ...
و أمّا في
البيتِ فلَم يكن الحالُ مُختلِفاً كثيراً ، ففي أحدِ الأيامِ ذهَبَت
"فرح" مع أمِّها إلى طبيبِ الأسنانِ ، و كانت أسنانُ "فرح"
تؤلِمُها ، فسألَها الطّبيبُ عن موضِعِ الألَمِ ، و دَلَّتهُ على أَحَدِ الأسنانِ
التي تؤلِمُها ، فكَشَفَ عليهِ و أصلَحَه بما يلزَمُ و أعطاها الدّواءَ المناسِبَ
، لكنَّ سِنّاً آخرَ في الجّهةِ المُقابِلةِ كان يؤلِمُها أيضاً ، فخَجِلَت
"فرح" أن تقولَ للطّبيبِ بعدَ أن انتهى مِن عمَلِهِ بأنَّ سنّاً آخرَ
يؤلِمها ، فصَمَتَت و عادَت معَ أمِّها إلى البيت ...
و في إحدى
المرّاتِ أيضاً ، خرجَت "فرح" و "مرح" مع أمِّهما إلى السّوقِ
لشِراءِ أحذيةٍ جديدةٍ ، للذّهابِ بها إلى حفلةِ تكريمِ المُتفوِّقينِ التي
ستُقامُ عندَ صدورِ النّتائجِ المدرسيّةِ ، و جالَت الأمُّ و ابنَتَاها في أرجاءِ
السوقِ حتّى دخَلْنَ إلى أحدِ محلّاتِ بيعِ الأحذيةِ ، و بدأت "مرح"
تلبِسُ حذاءً تلوَ الآخرِ و تُجَرِّبُ جميعَ الأحذيةِ حتّى تختارَ الأجملَ و
الأنسَبَ ، بينما اختارت "فرح" حِذاءً أعجَبَها و أخبَرَت والِدَتَها
عنه ، فطلَبَت الأمُّ من صاحبِ المحلِّ أن يعطيَها إيّاهُ لتَراهُ ، و لبست
"فرح" الحذاءَ لتُجَرّبَه ، و لكنّه كان ضيِّقاً على قدَمِها ، و قد
مَنَعَها خجلُها من أن تطلُبَ من صاحِبَ المحلِّ أن يعطيَها المقاسَ الأكبرَ
،فوافَقَت على هذا الحذاءِ و انصرفت برِفقةِ أختِها و أمّها إلى المنزلِ بعد أن
اشتَرَينَ ما يلزَمُهُنَّ من السّوقِ ...
مرَّت الأيّامُ
و حــانَ موعدُ صدورِ النتائـجِ في المدرســةِ ، و استيقظـت كـلٌّ من "فرح" و
"مرح" في الصباحِ الباكرِ و بدأَتا بالاستعدادِ و التَّجَهُّزِ للذّهابِ
إلى المدرسةِ لحضورِ حفلةِ التّكريمِ و معرفةِ نتيجةِ كلٍّ منهما ، لكنَّ أمراً قد
عكّرَ صفوَ هذا الصّباحِ ، فعندما أرادَت "فرح" أن تلـبسَ الحذاءَ
الجديـدَ كان ضيِّقاً جدّاً و لم تستطِـع السّيرَ به ، فخلَعَتــه و لبست حذاءَها
القديمَ ثمَّ انطلَقت مع أختِها و أمّها إلى المدرسةِ و هي حزينةٌ لأنّ جميعَ
الأطفالِ يلبسونَ الأحذيةَ الجديدةَ في هذا اليومِ ، و هي ستظهرُ بحذائِها القديمِ
...
حاولَت
"فرح" أن تنسى الأمرَ لِتتمكّنَ من الاستمتاعِ بلحظاتِ الاحتفالِ
بتفوّقِها بعد قليلٍ ، و أنصَتَت جيّداً إلى صوتِ المُديرةِ و هي تُذيعُ أسماءَ
المتفوّقين ، لكنَّ ما فاجأها هو أنَّ اسمَها لم يُذكَر في قائمةِ التلاميذِ
المتفوّقين بينما كان اسمُ "مرح" موجوداً في القائمةِ ، فظنَّت
"فرح" أنَّ هنـاك خطأً ما ، فدرجاتُ امتحاناتِ "فرح" تتفوَّقُ
على درجــاتِ الجميعِ ، و على درجات "مرح" أيضاً...
هذا صحيح ...
لكنَّ درجاتِ المُشارَكةِ الشَّفَهِيَّةِ خلالَ العامِ كانت مُتدنِّيةً جداً عندَ "فرح"
و قد حصلَت على واحدٍ فقط من عشَرةٍ ، و هذا أمرٌ مؤثِّرٌ على
النتيجةِ النهائيةِ ، و كما تَعلَمون ... فقد كانت "فرح" تخجلُ من أن
تُشارِكَ في الإجابةِ على الأسئلةِ التي تطرحُها المعلّمةُ خلالَ أيّامِ العامِ
الدراسيِّ ...
حزِنَت
"فرح" كثيراً على هذه النتيجة المُفاجِئةِ ، لكنَّ ما زادَ حُزنَها و
ألَمَها ، هو ذلك الألمُ الذي أرهَقَ أسنانَها و منعَها من مشاركةِ الأطفالِ في تناولِ
الحلويّاتِ اللذيذةِ في هذه الحفلةِ ، فمنذُ أن عادت "فرح" من عندِ
طبيبِ الأسنانِ و حالةُ سِنِّها الذي لم تُخبِر عنهُ الطبيبَ يزدادُ سوءاً يوماً
بعدَ يومٍ و الألمُ ينتقِلُ من سنٍّ إلى آخر ...
انتهت الحفلةُ
أخيراً و عادَت "مرح" و "فرح" إلى المنزِلِ بوَجهَين
مُتناقضين ، فعلاماتُ السّعادةِ تظهرُ على وجهِ "مرح" التي استمتعت
بيومٍ من أجملِ الأيامِ ، و علاماتُ الضَّجَرِ و الحزنِ بادِيةٌ على وجهِ "فرح" التي
شهدَت يوماً من أسوأ الأيّام ...
ليست هناك تعليقات: