الاثنين، 5 نوفمبر 2018

لا مَزيدَ مِنَ الخَجَل بَعْدَ اليَومِ

تميز بالقصص - طفلك المتميز - فرح و مرح

##### قصة اليوم أعزائي حول أضرار الخجل و الخوف من الخطإ  ######
"فَرَح" و "مَرَح" شقيقَتان في الصّفِّ الثّاني الابتدائيِّ ، تَوْأمٌ جميلٌ ، تتشابهان في كُلِّ شيءٍ باستثناءِ شيءٍ واحدٍ ، و هو أنَّ "فرح" شديدةُ الخَجَلِ ، بينما "مرح" جَريئَةٌ و لا تشعُرُ بالخجلِ أمامَ الناسِ ...
كانَتا تجلِسانِ في المقعَدِ ذاتِه في صفِّهما ، و عندما تسألُ المُعَلِّمةُ تلاميذَها سُؤالاً كانت "فرح" تعرِفُ الإجابةَ دائماً ، فهي متفوِّقةٌ أكثرُ من أيِّ طفلٍ في المدرسةِ بلْ أكثرُ من أُختِها "مرح" ، لكنّها كانت تخجَلُ مِن أن ترفعَ يدَها لتُجيبَ على السُّؤالِ و تخافُ أحياناً مِن أن تكونَ إجابَتُها خاطئةً ، فكانت "مرح" تنقُلُ الإجابةَ من "فرح" و ترفعُ يدَها لتُجيبَ على السؤالِ و تأخذَ درَجَتَه تامّةً ، و هكذا تَمُرُّ أيّامُهما في المدرسة ...
و أمّا في البيتِ فلَم يكن الحالُ مُختلِفاً كثيراً ، ففي أحدِ الأيامِ ذهَبَت "فرح" مع أمِّها إلى طبيبِ الأسنانِ ، و كانت أسنانُ "فرح" تؤلِمُها ، فسألَها الطّبيبُ عن موضِعِ الألَمِ ، و دَلَّتهُ على أَحَدِ الأسنانِ التي تؤلِمُها ، فكَشَفَ عليهِ و أصلَحَه بما يلزَمُ و أعطاها الدّواءَ المناسِبَ ، لكنَّ سِنّاً آخرَ في الجّهةِ المُقابِلةِ كان يؤلِمُها أيضاً ، فخَجِلَت "فرح" أن تقولَ للطّبيبِ بعدَ أن انتهى مِن عمَلِهِ بأنَّ سنّاً آخرَ يؤلِمها ، فصَمَتَت و عادَت معَ أمِّها إلى البيت ...
و في إحدى المرّاتِ أيضاً ، خرجَت "فرح" و "مرح" مع أمِّهما إلى السّوقِ لشِراءِ أحذيةٍ جديدةٍ ، للذّهابِ بها إلى حفلةِ تكريمِ المُتفوِّقينِ التي ستُقامُ عندَ صدورِ النّتائجِ المدرسيّةِ ، و جالَت الأمُّ و ابنَتَاها في أرجاءِ السوقِ حتّى دخَلْنَ إلى أحدِ محلّاتِ بيعِ الأحذيةِ ، و بدأت "مرح" تلبِسُ حذاءً تلوَ الآخرِ و تُجَرِّبُ جميعَ الأحذيةِ حتّى تختارَ الأجملَ و الأنسَبَ ، بينما اختارت "فرح" حِذاءً أعجَبَها و أخبَرَت والِدَتَها عنه ، فطلَبَت الأمُّ من صاحبِ المحلِّ أن يعطيَها إيّاهُ لتَراهُ ، و لبست "فرح" الحذاءَ لتُجَرّبَه ، و لكنّه كان ضيِّقاً على قدَمِها ، و قد مَنَعَها خجلُها من أن تطلُبَ من صاحِبَ المحلِّ أن يعطيَها المقاسَ الأكبرَ ،فوافَقَت على هذا الحذاءِ و انصرفت برِفقةِ أختِها و أمّها إلى المنزلِ بعد أن اشتَرَينَ ما يلزَمُهُنَّ من السّوقِ ...
مرَّت الأيّامُ و حــانَ موعدُ صدورِ النتائـجِ في المدرســةِ ، و استيقظـت كـلٌّ من "فرح" و "مرح" في الصباحِ الباكرِ و بدأَتا بالاستعدادِ و التَّجَهُّزِ للذّهابِ إلى المدرسةِ لحضورِ حفلةِ التّكريمِ و معرفةِ نتيجةِ كلٍّ منهما ، لكنَّ أمراً قد عكّرَ صفوَ هذا الصّباحِ ، فعندما أرادَت "فرح" أن تلـبسَ الحذاءَ الجديـدَ كان ضيِّقاً جدّاً و لم تستطِـع السّيرَ به ، فخلَعَتــه و لبست حذاءَها القديمَ ثمَّ انطلَقت مع أختِها و أمّها إلى المدرسةِ و هي حزينةٌ لأنّ جميعَ الأطفالِ يلبسونَ الأحذيةَ الجديدةَ في هذا اليومِ ، و هي ستظهرُ بحذائِها القديمِ ...
حاولَت "فرح" أن تنسى الأمرَ لِتتمكّنَ من الاستمتاعِ بلحظاتِ الاحتفالِ بتفوّقِها بعد قليلٍ ، و أنصَتَت جيّداً إلى صوتِ المُديرةِ و هي تُذيعُ أسماءَ المتفوّقين ، لكنَّ ما فاجأها هو أنَّ اسمَها لم يُذكَر في قائمةِ التلاميذِ المتفوّقين بينما كان اسمُ "مرح" موجوداً في القائمةِ ، فظنَّت "فرح" أنَّ هنـاك خطأً ما ، فدرجاتُ امتحاناتِ "فرح" تتفوَّقُ على درجــاتِ الجميعِ ، و على درجات "مرح" أيضاً...
هذا صحيح ... لكنَّ درجاتِ المُشارَكةِ الشَّفَهِيَّةِ خلالَ العامِ كانت مُتدنِّيةً جداً عندَ "فرح" و قد حصلَت على واحدٍ فقط من عشَرةٍ ،  و هذا أمرٌ مؤثِّرٌ على النتيجةِ النهائيةِ ، و كما تَعلَمون ... فقد كانت "فرح" تخجلُ من أن تُشارِكَ في الإجابةِ على الأسئلةِ التي تطرحُها المعلّمةُ خلالَ أيّامِ العامِ الدراسيِّ ...
حزِنَت "فرح" كثيراً على هذه النتيجة المُفاجِئةِ ، لكنَّ ما زادَ حُزنَها و ألَمَها ، هو ذلك الألمُ الذي أرهَقَ أسنانَها و منعَها من مشاركةِ الأطفالِ في تناولِ الحلويّاتِ اللذيذةِ في هذه الحفلةِ ، فمنذُ أن عادت "فرح" من عندِ طبيبِ الأسنانِ و حالةُ سِنِّها الذي لم تُخبِر عنهُ الطبيبَ يزدادُ سوءاً يوماً بعدَ يومٍ و الألمُ ينتقِلُ من سنٍّ إلى آخر ...
انتهت الحفلةُ أخيراً و عادَت "مرح" و "فرح" إلى المنزِلِ بوَجهَين مُتناقضين ، فعلاماتُ السّعادةِ تظهرُ على وجهِ "مرح" التي استمتعت بيومٍ من أجملِ الأيامِ ، و علاماتُ الضَّجَرِ و الحزنِ بادِيةٌ على وجهِ "فرح" التي شهدَت يوماً من أسوأ الأيّام ...
تميز بالقصص - طفلك المتميز - فرح و مرح 1

لكنها تعلّمَتِ اليومَ درساً مُهِمّاً جداً ، و قامت بإلصاقِ ورقةٍ كبيرةٍ فوقَ سريرِها و كتبت عليها : "لا مَزيدَ من الخَجَلِ بعدَ اليوم " .

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ طفلك المتميز 2018 ©