في السّنَواتِ الْأَخيرةِ، واجَهَ كَوْكَبُ الْأرْضِ وَلا يَزالُ، مُشكِلَةََ التَّلَوُّثِ
الْبِيئيِ الّتي كانَ لَها آثارُ واضِحَةُ عَلى الْبِيئةِ وَالمُناخِ بِسَبَبِ
النَّشاطِ الْبَشَرِيِّ والثّوْرَةِ الصِّناعِيّةِ، فَالْإِنْسانُ كانَ السّبَبَ الرّئيِسِيَّ
في التّلوُّثِ، مُتَجاوِزًا قَوانينَ الطّبيعَةِ مِن ْخِلالِ الْمَصانِعِ والاِستِعمالِ
المُفرِطِ لِلمَوادِّ الْكيميائيّةِ.
مَا هِيَ الْبِيئةُ ؟ وَ ما هُوَ التَّلَوُّثُ ؟
اَلبيئَةُ هِيَ
الوَسطُ الْحَيَويُّ الّذي تَعِيشُ فيهِ الْكائِناتُ الْحَيّةُ مُرتبِطةً بِعَلاقاتٍ
وبِما يُحيطُ بِها مِن مياهٍ وَأَتْرِبَةً وَجَماداتٍ، فَالْإِنْسانُ هُوَ
الكائِنُ الوَحيدُ الّذي يَتَدَخّلُ في هذِهِ الْعَلاقاَتِ عَلى وَجْهِ الْأَرْضِ
نَظَرًا لِقُدُراتِهِ الْعَقْلِيّةِ الْكَبيرَةِ الّتي تُمَيِّزُهُ عَنْ بَقِيّةِ الْمَخْلوقاتِ.
أمَّا التّلوُّث فَهُوَ ما يَنْتُج ُعَنْ تَدَخُّلِ سيِّئٍ لِلإنسانِ في الْعَلاّقاتِ
الْبَيْئِيَّةِ مِنْ تَغْييرٍ في الْبيئَةِ الْمُحيطَةِ بِالْكائِناتِ الْحَيّةِ
الْمُخْـتَلِفَةِ الّتي تَعيشُ في الْأوْساطِ الْبِيئِيَّةِ وَذَلِكً رَاجِعٌ
لِلنّشاطِ الْبَشَرِيِّ وَما يَنْتجُ عَنْ هذا التّغييرِ مِن خللٍ في المواردِ
يُعيقُ اِستِمرارَ الْحَياةِ عَلى كَوْكَبِ الْأرضِ، كَوْنَ الْإنْسانِ هُوَ الّذي
يَخْتَرِعُ وَيَصْنعُ وَهُوَ الّذي يُلْقي النِّفاياتِ في غَيْر مَكانِها، وَهُوَ
الّذي يتَسبّبُ في الْحَرائِقِ، وهوَ مَن طَوَّرَ التِّكْنولوجْيا الّتي تُسَبِّبُ
أَضرارًا لِلبيئةِ.
وَقَدْ مَسَّ التّلوُّثُ ثَلاثَةَ عَناصِرَ أَساسِيّةً
في الْبيئَةِ هِيَ الْماءُ وَالتُّرْبَةُ والْهَواءُ، مِمّا هَدَّدَ صِحَّةَ وحَياةَ
الْإنْسانِ بِحَدٍّ ذاتِهِ إِضافَةً إلى الْكائِناتِ الْأُخْرى مِنْ نَباتاتٍ وحَيَواناتٍ.
فَــتَلَوُّثُ الْمِياهِ الّذي يَشمَلُ الْمِياهَ
الْعذْبَةَ وَ هِيَ الْمَصْدَرُ الْأساسيُّ
الّذي يَعْتَمِدُهُ الْإنْسانُ في الشُّرْبِ، وَتَلَوُّثُ مِياهِ الْبِحَارِ وَالمُحيطاتِ الْمَليئَةِ
بِالْحَياةِ البَحْريّةِ وَ الْكائِناتِ الْمائيّةِ ناتِجٌ عَنْ تَغْييراتِ الْإنْسانِ
في الْبيئَةِ وَعَنْ إلقاءِ النُّفاياتِ الضّارّةِ فيها ، أمّا العُنصُرُ الثّاني
الّذي تَسَبَّبَ الْإِنْسانُ في تَلْويثِهِ فَهُوَ التُّرْبَةُ و ذلِكً راجِعً إلى
اِستِخدامِ الأسمِدةِ الزِّراعيّةِ والمُبيداتِ الحشريّة بِشكلِ مبالِغِ فيه
بُغيَةُ زيادةِ المنتوجِ و المحاصيل ، وكذلِك بِسببِ إلقاءِ النُّفاياتِ غيْرِ المُتَحَلِّلَةِ
فيها وَ أُبْرَزُها الْبْلاسْتيكُ.
وَلَمْ يَتَوَقَّفِ النَّشاطُ الْبَشَرِيُّ عِنْدَ هَذا
فَحَسْبُ، بَلْ وَصلَ إلى تلويثِ الْهواءِ وهُوَ أَخْطَرُ أَنواعِ التّلوُّثِ عَلى
الْإطْلاقِ وذلِكَ لِانْتِشارِ مَوادَّ ضارّةٍ بِالهواءِ تُلحِقُ الضّرَرَ بِالإنْسانِ
وَصِحَّتِهِ، كَما تُلْحِقُ الضَّررَ بِالكائِناتِ الْحَيَّةِ الْمَوْجودَةِ في الْبيئةِ
أَيْضًا.
مخاطِرُ التّلوُّثِ البيئيِ على الكائِناتِ الحيّة:
كَما ذَكَرْنا
سابِقًا فَإنّ الْإنْسانَ تَسَبَّبَ في تَلْويثِ الْعَناصِرِ الْأساسِيّةِ لِلْبيئَةِ
مِنْ هَواءَ وَمِياهٍ وَتُربةٍ، هذَا التّدخُّلُ البشريُّ يُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ مَلْحوظٍ
عَلى الْكائِناتِ الْحَيَّةِ بِشَكْلٍ عامٍ وَعَلى الْإنْسانِ بِشَكْلٍ خاصٍّ، نَسْتَعْرِضُها
فيما يَلي:
- عَلى الْإِنْسانِ: يَحْتَوي الْهَواءُ الْمُلَوَّثُ
مُستوياتٍ عاليَةً مِنَ الْمُرَكَّباتِ الضّارّةِ كَــالْكَرْبونِ الْأسْوَدِ
الّذي يُعْتَبَرُ أَحَدَ أَخْطُرِ الْمُلَوِّثاتِ والْمَوادِّ السّامَّةِ الّتي تُؤَثِّرُ
على جِسمِ الإنْسانِ. فَهُوَ يتوَغّلُ في
الرِّئَتَيْنِ وَالْجِهازِ الْقَلُبِيِ ويُسبِّبُ أَمْراضَ خطيرةً.
كَما أَكَّدَتْ
بَعْضُ الدِّراساتِ أَنَّ التّعرُّضَ لِلْجُسَيْماتِ الدَّقيقَةِ هُوَ عامِلٌ أَساسِيٌّ
في الِإِصابَةِ بِسَرَطانِ الرِّئَةِ، وَالْأَمْراضِ التّنَفُّسِيّةِ، فيما يُؤَدّي
تَلَوُّثُ تُربةِ الْأَراضي الزِّراعِيةِ إِلى الْإِضْرارِ بِالْإنْسانِ نَظَرًا لِاحْتِمالِ
تَلوُّثِ الِمَحاصيلِ الزِّراعِيّةِ الّتي يَعْتَمِدُها الْإنْسانُ كَمَصْدَرٍ أَساسِيٍّ
لِلتّغْذِيَةِ مِمّا يَتَسَبَّبُ في تَشْكيلِ خَطَرٍ حَقيقيٍّ عَلى حَياةِ الْإِنْسانِ.
- عَلى الْحَيَواناتِ: تتأثّرُ كُلُّ مِن الحياةِ
البحريّةِ والبرّيّةِ بِالتّلوُّثِ البيئيِ فتتعرّضُ الحيَواناتِ في المناطِقِ
المُلوّثةِ إلى مُستوياتٍ كبيرةٍ مِن المُلوّثاتِ المُختلِفةِ الّتي يُعتبرُ
الكلوَرين العُضويِّ والمعادِنُ الثّقيلةُ فتزيدُ مِن قابِليّةٍ للإصابة
بِالأمراضِ المُعديَةِ وغيْر المُعديَة وبِالتّالي موْتها.
- عَلى الْغِطاءِ النّباتيِّ: تُؤثِّرُ الْمُلَوِّثاتُ وَبِشَكْلٍ
خاصِّ اِلْمَوادُّ الْكيميائِيّةُ، عَلى الْحالَةِ الشّكْليِّةِ وَالْفيزْيولوجِيَّةِ
لِلنَّباتَاتِ، بِالْإِضافَةِ لِحالَتِها الْبْيوكيمِيائيةِ الَّتي تَتَعَلَّقُ بِمُحْتَواها
مِنَ الْأصْباغِ وَالْإنْزيماتِ َوالسُّكّريّاتِ.
حُلولُ مُقترحةٌ لِلتّقليلِ مِن آثارِ التّلوُّثِ البيئيِ:
- فَرْضُ قَوانينَ صارِمَةً عَلى الْمَصْنَعِ تُجْبِرُهُمْ
عَلى مُعالَجَةِ النُّفاياتِ الْمُصَنَّعَةِ وَالمِياهِ الْمُستعملةِ في الْأَعْمالِ
الصِّناعِيّةِ الْخاصَّةِ بِهِمْ.
- مَنْعُ اِستِخْدامِ الْمِياهِ الْمُسْتَعْمَلَةِ قَبْلَ
مُعالَجَتِها في سِقايَةِ الْمَزْروعاتِ لِاحْتِوائِها عَلى مَوادَّ سامَّةٍ خَطيرةٍ.
- مَنْعُ رَمْيِ النُّفاياتِ في الأنْهارِ وَالْأَوْدِيَةِ.
- تَوْعِيَةُ الْمُواطِنينَ لِمَخاطِرِ رَمْيِ
النُّفاياتِ في الْأَماكِنِ غَيْرِ الْمُخَصَّصَةِ لَها وآثارِ التّلوُّثِ عَلى الْإنْسانِ
والْبيئَةِ.
- اِسْتِعمالُ مَصادِرَ جَديدةٍ لِلطّاقَةِ مِثلُ الطّاقَةِ
المُتَجَدِّدةِ، كَطاقَةِ الشَّمْسِ والرِّياح ِوالْمِياهِ، والّتي تَكونُ أَقَلَّ
تَلْويثاً لِلْبيئةِ عَكْسَ النَّفْطِ ومُشْتَقّاتِهِ.
- إِعادَةُ تَدْويرِ النُّفاياتِ وَالمُخلَّفاتِ
الصِّناعِيّةِ واِسْتِعْمالِها في مَجالاتٍ أُخْرى.




ليست هناك تعليقات: